{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(8)وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ(9)وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ(10)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ} أي كونوا مبالغين في الاستقامة بشهادتكم لله وصيغة قوّام للمبالغة {شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} أي تشهدون بالعدل {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا } أي لا يحملنكم شدة بغضكم للأعداء على ترك العدل فيهم والاعتداء عليهم { اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي العدل مع من تبغضونهم أقرب لتقواكم لله {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي مطلع على أعمالكم ومجازيكم عليها، قال الزمخشري: وفي هذا تنبيه عظيم على أن العدل إِذا كان واجباً مع الكفار الذين هم أعداء الله وكان بهذه الصفة من القوة، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه؟!
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي وعد الله المؤمنين المطيعين {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} أي لهم في الآخرة مغفرة للذنوب وثواب عظيم وهو الجنة {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} لما ذكر مآل المؤمنين المتقين وعاقبتهم ذكر مآل الكافرين المجرمين وأنهم في دركات الجحيم دائمون في العذاب، قال أبو حيان: وقد جاءت الجملة فعلية بالنسبة للمؤمنين متضمنة الوعد بالماضي الذي هو الدليل على الوقوع، وفي الكافرين جاءت الجملة إِسمية دالة على ثبوت هذا الحكم لهم وأنهم أصحاب النار فهم دائمون في عذاب الجحيم.
أراد بنو النضير أن يلقوا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحى وأن يغدروا به وبأصحابه فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ..} الآية.