{الم(1)تِلْكَ ءاياتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ(2)هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ(3)الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(5)}.
{الم} الحروف المقطعة للتنبيه على إِعجاز القرآن، وللإِشارة إِلى أن هذا الكتاب المعجز الذي أفحم العلماء والأدباء والفصحاء والبلغاء منظوم من أمثال هذه الحروف الهجائية "ألف، لام، ميم" وهي في متناول أيدي الناطقين بالعربية، وهم عاجزون أن يؤلفوا منها كتاباً مثل هذا الكتاب بعد التحدي والإِفحام، وهذا من أظهر الدلائل وأوضح البراهين على أنه تنزيل الحكيم العليم {تِلْكَ ءاياتُ الْكِتَابِ} أي هذه ءايات الكتاب البديع، الذي فاق كل كتاب في بيانه، وتشريعه، وأحكامه {الْحَكِيمِ} أي ذي الحكمة الفائقة، والعجائب الرائقة، الناطق بالحكمة والبيان، والإِشارة بالبعيد عن القريب "تلك" للإِيذان ببعد منزلته في الفضل والشرف {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ} أي هداية ورحمة للمحسنين الذين أحسنوا العمل في الدنيا، وإِنما خُصوا بالذكر لأنهم هم المنتفعون بما فيه، ثم وضح تعالى صفاتهم فقال {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} أي يؤدونها على الوجة الأكمل بأركانها وخشوعها وآدابها {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أي يدفعونها إلى مستحقيها طيبةً بها نفوسهم ابتغاء مرضاة الله {وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} أي يصدّقون بالدار الآخرة ويعتقدون بها اعتقاداً جازماً لا يخالطه شك ولا ارتياب، وكرَّر الضمير "هم" للتأكيد وإِفادة الحصر {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} أي أولئك الموصوفون بتلك الصفات الجليلة على نور وبصيرة، ومنهج واضح سديد، من الله العزيز الحميد {وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} أي هم الفائزون السعداء في الدنيا والآخرة، قال أبو حيان: وكرر الإِشارة {وَأُوْلَئِكَ} تنبيهاً على عظم قدرهم وفضلهم.