{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيدًا(167)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا(168)إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا(169)يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(170)}
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيدًا} أي كفروا بأنفسهم ومنعوا الناس عن الدخول في دين الله قد ضلوا عن طريق الرشاد ضلالاً بعيداً لأنهم جمعوا بين الضلال والإِضلال فضلالهم في أقصى الغايات {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا} قال الزمخشري: أي جمعوا بين الكفر والمعاصي {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا} أي لن يعفو الله عنهم ولن يهديهم إِلى طريق الجنة لأنهم ماتوا على الكفر {إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أي لن يهديهم إِلا إِلى الطريق الموصلة إِلى جهنم {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} لا يصعب عليه ولا يستعظمه .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} أي يا أيها الناس قد جاءكم محمد بالدين الحق والشريعة السمحة من عند ربكم {فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} أي صدّقوا ما جاءكم من عند ربكم يكن الإِيمان خيراً لكم { وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي وإِن تستمروا على الكفر فإِن الله غني عنكم لا يضره كفركم إِذ له ما في الكون ملكاً وخلقاً وعبيداً {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي عليماً بأحوال العباد حكيماً فيما دبره لهم.
سبب النزول:
جاء وفد من النصارى إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد: لم تعيب صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا عيسى قال: وأي شيء أقول فيه؟ قالوا تقول: إِنه عبد الله ورسوله، فقال لهم: إِنه ليس بعار أن يكون عبداً لله قالوا: بلى فأنزل الله {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النساء: 172].