{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ(10)كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ(11)قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(12)قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأبْصَارِ(13)}
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ} أي لن تفيدهم الأموال والأولاد، ولن تدفع عنهم من عذاب الله في الآخرة {مِنْ اللَّهِ شَيْئًا} أي من عذاب الله وأليم عقابه {وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} أي هم حطب جهنم الذي تُسْجر وتوقد به النار {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} أي حال هؤلاء الكفار وشأنهم كحال وشأن آل فرعون، وصنيعُهم مثلُ صنيعهم {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي من قبل آل فرعون من الأمم الكافر كقوم هود وصالح وشعيب {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أي كذبوا بالآيات التي تدل على رسالات الرسل {فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} أي أهلكهم وعاقبهم بسبب الكفر والمعاصي {وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} أي أليم العذاب شديد البطش، والغرض من الآية أن كفار قريش كفروا كما كفر أولئك المعاندون من آل فرعون ومن سبقهم، فكما لم تنفع أولئك أموالهم ولا أولادهم فكذلك لن تنفع هؤلاء.
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي قل يا محمد لليهود ولجميع الكفار {سَتُغْلَبُون} أي تُهزمون في الدنيا {وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ} أي تجُمعون وتساقون إِلى جهنم {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} أي بئس المهاد والفراش الذي تمتهدون نار جهنم .
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ} أي قد كان لكم يا معشر اليهود عظة وعبرة {فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا} أي في طائفتين التقتا للقتال يوم بدر {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي طائفةٌ مؤمنة تقاتل لإِعلاء دين الله {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} أي وطائفة أخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت وهم كفار قريش {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} أي يرى المؤمنون الكافرين أكثر منهم مرتين {رَأْيَ الْعَيْنِ} أي رؤية ظاهرةً مكشوفة بالعين المجردة لا بالوهم والخيال، وقيل: المراد يرى الكافرون المؤمنين ضعيفهم في العدد، وذلك أن الله أكثر المؤمنين في أعين الكافرين ليرهبوهم ويجبنوا عن قتالهم، والقول الأول اختيار ابن جرير وهو الأظهر لقوله تعالى {رَأْيَ الْعَيْنِ} أي رؤية حقيقية لا بالخيال {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ} أي يقوّي بنصره من يشاء {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} أي لآية وموعظة {لأُوْلِي الأبْصَارِ} أي لذوي العقول السليمة والأفكار المستقيمة. ومغزى الآية أن القوة المادية ليست كل شيء، وأن النصر لا يكون بكثرة العَدد والعتاد، وإِنما يكون بمعونة الله وتأييده كقوله {إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160].