سورة يونس من السور المكية التي تُعْنى بأصول العقيدة الإسلامية " الإيمان بالله تعالى، والإيمان. بالكتب، والرسل، والبعث والجزاء" وهي تتميز بطابع التوجيه إلى الإيمان بالرسالات السماوية، وبوجه أخص إلى "القرآن العظيم" خاتمة الكتب المنزلة، والمعجزة الخالدة على مدى العصور والدهور.
*تحدثت السورة الكريمة في بدايتها عن الرسالة والرسول، وبينَّت أن هذه سنة الله في الأولين
والآخرين، فما من أمةٍ إلا بعث الله إلها رسولاً، فلا داعي للمشركين للعجب من بعثه خاتم المرسلين {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ}؟ ثم تلتها الآيات عن بيان حقيقة "
"الألوهية" و "العبودية" وأساس الصلة بين الخالق والمخلوق، وعرَّفت الناسَ بربهم الحقَّ الذي ينبغي أن يعبدوه، وأن يُسلموا وجوههم إليه، فهو وحده الخالق الرازق، المحيي المميت، المدبر الحكيم، وكل ما سواه فباطل وهباء {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ..}.
*وتناولت السورة الكريمة موقف المشركين من الرسالة والقرآن، وذكرت أن هذا القرءان هو المعجزة الخالدة، الدالة على صدق النبي الأمي، وأنه يحمل برهانه في تفرده بالمعجزة، حيث تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا مع أنهم أساطين الفصاحة، وأمراء البيان {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. وانتقلت السورة لتعريف الناس بصفات الإله الحق، بذكر آثار قدرته، الدالة على التدبير الحكيم، وما في هذا الكون المنظور من آثار القدرة الباهرة، التي هي أوضح البراهين على عظمة الله وجلاله وسلطانه {قل من يرزقكم من السماواتِ والأرض؟ أمَّنْ يملك السمع والأبصار…} وهذه هي القضية الكبرى التي يدور محور السورة عليها وهي موضوع الإيمان بوحدانية الله جل وعلا، وقد عرضت السورة بشتى الأدلة السمعية والعقلية.
*وتحدثت السورة عن قصص الأنبياء، فذكرت قصة نوح مع قومه، وقصة موسى مع فرعون الجبار، وذكرت قصة نبي الله "يونس"-الذي سميت السورة باسمه_ وكلُّ هذه القصص لبيان سنة الله الكونية في إهلاك الظالمين، ونصرة المؤمنين.
وختمت السورة الكريمة بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستمساك بشريعة الله، والصبر على ما يلقى من الأذى في سبيل الله {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}.
التسمية: سميت السورة "سورة يونس" لذكر قصته فيها، وما تضمنته من العظة والعبرة برفع العذاب عن قومه حينءامنوا بعد أن كاد يحل بهم البلاء والعذاب، وهذا من الخصائص التي خصَّ الله بها قوم يونس لصدق توبتهم وإيمانهم.