{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ(71)فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(72)فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ(73)}
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} أي اقرأ يا محمد على المشركين من أهل مكة خبر أخيك نوحٍ مع قومه المكذبين {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ} أي حين قال لقومه الجاحدين المعاندين يا قوم إِن كان عظُم وشقَّ عليكم {مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} أي طولُ مقامي ولبثي فيكم، وتخويفي إِياكم بآيات ربكم، وعزمتم على قتلي وطردي {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ} أي على الله وحده اعتمدت، وبه وثقت فلا أبالي بكم {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ} أي فاعزموا أمركم وادعوا شركاءكم، ودبّروا ما تريدون لمكيدتي {ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} أي لا يكن أمركم في شأني مستوراً بل مكشوفاً مشهوراً، {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِي} أي أَنْفذوا ما تريدون في أمري ولا تؤخروني ساعة واحدة، قال أبو السعود: وإِنما خاطبهم بذلك إِظهاراً لعدم المبالاة، وثقةً بالله وبوعده من عصمته وكلاءته.
{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} أي فإِن أعرضتم عن نصيحتي وتذكيري فليس لأني طلبت منكم أجراً حتى تمتنعوا، بل لشقاوتكم وضلالكم {إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى اللَّهِ} أي ما أطلب ثواباً أو جزاءً على تبليغ الرسالة إِلا من الله، وما نصحتكم إِلا لوجه الله لا لغرضٍ من أغراض الدنيا {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي من الموحدين لله تعالى {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} أي فأصروا واستمروا على تكذيب نوح فنجيناه ومن معه من المؤمنين في السفينة {وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ} أي جعلنا من معه من المؤمنين سكان الأرض وخلفاً ممن غرق {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أي أغرقنا المكذبين بالطوفان {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} أي انظر يا محمد كيف كان نهاية المكذبين لرسلهم؟ والغرض: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وتحذير لكفار مكة أن يحل بهم ما حلَّ بالسابقين.