{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ(94)وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ(95)إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ(96)وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ(97)}
{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} هذا على سبيل الفرض والتقدير: أي إِن فرض أنك شككت فاسأل، قال ابن عباس: لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل، وقال الزمخشري: هذا على الفرض والتمثيل كأنه قيل: فإِن وقع شكٌ مثلاً، وخيَّل لك الشيطان خيالاً تقديراً فسل علماء أهل الكتاب، وفرقٌ عظيم بين قوله {وإِنهم لفي شك منه مريب} بإِثبات الشك على سبيل التأكد والتحقيق وبين قوله{فإِن كنت في شك} بمعنى الفرض والتمثيل وقال بعضهم: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} أي اسأل أهل الكتاب الذين يعرفون التوراة والإِنجيل، فإِن ذلك محقَّق عندهم كما قصصنا عليك، والغرضُ دفع الشك عن قصص القرءان .
{لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أي جاءك يا محمد البيانُ الحق، والخبر الصادق، الذي لا يعتريه شك {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ} أي فلا تكن من الشاكين المرتابين {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} أي لا تكذّبْ بشيءٍ من آيات الله {فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أي فتصبح ممن خسر دنياه وآخرته، قال البيضاوي: وهذا من باب التهييج والتثبيت وقطع أطماع المشركين عنه، وقال القرطبي: الخطابُ في هاتين الآيتين للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره.
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} أي وجبت عليكم كلمة العذاب بإِرادة الله الأزلية {وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} أي لا يصدقون ولا يؤمنون أبداً ولو جاءتهم البراهين والمعجزات {حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} أي فحينئذٍ يؤمنون كما آمن فرعون لكن لا ينفعهم الإيمان.