{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى(22)لِنُرِيَكَ مِنْ ءاياتِنَا الْكُبْرَى(23)اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(24)قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي(25)وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي(26)وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي(27)يَفْقَهُوا قَوْلِي(28)وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي(29)هَارُونَ أَخِي(30)اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي(31)وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي(32)كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا(33)وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا(34)إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا(35)}
{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى} أي أدخل يدك تحت إِبطك ثم أخرجها تخرج نيرة مضيئة كضوء الشمس والقمر من غير عيب ولا برص، قال ابن كثير: كان إِذا أدخل يده في جيبه ثم أخرجها تخرج تتلألأ كأنها فلقة قمر من غير برصٍ ولا أذى {آيَةً أُخْرَى} أي معجزة ثانية غير العصا {لِنُرِيَكَ مِنْ ءاياتِنَا الْكُبْرَى} أي لنريك بذلك بعض ءاياتنا العظيمة .. أراه الله معجزتين "العصا، واليد" وهي بعض ما أيَّده الله به من المعجزات الباهرة، ثم أمره أن يتوجه إلى فرعون رأس الكفر والطغيان {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} أي اذهب بما معك من الآيات إِلى فرعون إِنه تكبَّر وتجبَّر وجاوز الحدَّ في الطغيان حتى ادَّعى الألوهية {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} أي وسِّعْه ونوِّره بالإِيمان والنُبوّة {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} أي سهّلْ عليَّ القيام بما كلفتني من أعباء الرسالة والدعوة {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} أي حلَّ هذه اللُّكْنة الحاصلة في لساني حتى يفهموا كلامي، قال المفسرون: عاش موسى في بيت فرعون فوضعه فرعون مرة في حِجْرهِ وهو صغير فجرَّ لحية فرعون بيده فهمَّ بقتله، فقالت له آسية: إِنه لا يعقل وسأريك بيان ذلك، قدّمْ إِليه جمرتين ولؤلؤتين، فإِن أخذ اللؤلؤة عرفت أنه يعقل، وإِن أخذ الجمرة عرفت أنه طفل لا يعقل، فقدَّم إِليه فأخذ الجمرة فجعلها في فيه فكان في لسانه حَبْسة {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي} أي اجعل لي معيناً يساعدني ويكون من أهلي وهو أخي هارون {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} أي لتقوِّي به يا رب ظهري {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} أي اجعله شريكاً لي في النبوة وتبليغ الرسالة {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} أي كي نتعاون على تنزيهك عما لا يليق بك ونذكرك بالدعاء والثناء عليك {إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} أي عالماً بأحوالنا لا يخفى عليك شيء من أفعالنا، طلب موسى من ربه أن يعينه بأخيه يشدُّ به أزره، لما يعلم منه من فصاحة اللسان، وثبات الجنَان، وأن يشركه معه في المهمة لما يعلم من طغيان فرعون وتكبره وجبروته.