{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ(48)الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ(49)وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ(50)}.
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} أي ولقد أعطينا موسى وهارون التوراة الفارقة بين الحق والباطل والهدى والضلال نوراً وضياءً وتذكيراً للمؤمنين المتقين {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} أي هم الذين يخافون الله ولم يروه لأنهم عرفوا بالنظر والاستدلال أن لهم رباً عظيماً قادراً يجازي على الأعمال فهم يخشونه وإِن لم يروه {وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} أي وهم من أهوال القيامة وشدائدها خائفون وجلون {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ} أي وهذا القرآن العظيم كتاب عظيم الشأن فيه ذكرٌ لمَنْ تذكّر، وعظة لمن اتعظ، كثير الخير، أنزلناه عليكم بلغتكم {أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} أي أفأنتم يا معشر العرب منكرون له وهو في غاية الجلاء والظهور ؟ قال الكرخي: الاستفهام للتوبيخ والخطابُ لأهل مكة فإِنهم من أهل اللسان يدركون مزايا الكلام ولطائفه، ويفهمون من بلاغة القرآن ما لا يدركه غيرهم مع أن فيه شرفهم وصيتَهم فلو أنكره غيرهم لكان لهم مناصبته وعداؤه.