القضاء على مقدمة لجيش الروم
فلما جهروا بها أجابهم الشجر والمدر والدواب والحجر وكان أول من حمل عكرمة بن أبي جهل وتبعه سهل بن عمرو والضحاك أيضًا بالجملة وصاح في رجاله وحمل المهاجرون والأنصار معهم والتقى الجمعان وعمل السيف في الفريقين.
قال عبد الله بن عمر: وبينما أنا في الوقعة إذ نظرت من القوم بطريقًا عظيم الخلقة وهو كالحائر البليد وهو يركض يمينًا وشمالًا فقلت: إن يكن لهذا الجيش عين فهذا عين الجيش وصاحب الطلائع وهو مرعوب من الحرب.
فلما حملت عليه ومددت قناتي إليه نفر فرسه من الرمح فقربت منه وأوهمته أني أريد الانهزام ثم عطفت عليه وطعنته فوالله لقد خيل لي أني ضربت بسيفي حجرًا وسمعت طنين السيف حتى حسبت أن سيفي انفصل وإذا هو صريع ثم عطفت عليه وأخذت لامته.
فلما رأى المشركون صاحبهم مجندلًا داخلهم الفزع والهلع وصدمهم المسلمون في الضرب والقتال فلله در الضحاك والحارث بن هشام لقد قاتلًا قتالًا شديدًا ما عليه من مزيد فما كان غير قليل حتى انهزم الكفار من بين أيديهم هاربين.
قال: فرجع المسلمون واجتمع بعضهم على بعض وجمعوا الغنائم والأموال.
وقال بعضهم لبعض: ما فعل الله بعبد الله بن عمر قال قائل منهم: الله خبير بحسن زهده وعبادته.
وقال آخرون: لقد أصبنا بابن عمر فما كان يساوي هذا الفتح شعرة من رأسه.
قال عبد الله بن عمر: وأنا مع ذلك أسمع كلامهم خلف الراية.
فأعلنت بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وهززت الراية.
فلما نظر المسلمون الراية سارعوا إلي وقالوا: أين كنت.
فقلت: اشتغلت بقتال صاحبهم فقالوا: أفلح والله وجهك فهذا والله فتح قد رزقنا الله إياه ببركتك.
قال عبد الله: وبوجوهكم ثم حازوا الأموال والغنائم والخيل وستمائة أسير وقتل من المسلمين سبعة نفر فواروهم وصلى عليهم ابن عمر وانعطف الجيش إلى عمرو بن العاص وحدثوه بما جرى ففرح وحمد الله تعالى ثم دعا بالأسرى واستنطق منهم بالعربية فما كان فيهم غير ثلاثة نفر من أنباط الشام فسألهم عن خبرهم وخبر أصحابهم فقالوا: يا معشر العرب إن هذا روبيس قد أقبل في مائة ألف فارس وقد أمره الملك أن لا يدع أحدًا من العرب يصل إيليا.
.
وإنه بعث بهذا البطريق طليعة وقد قتل وكأنكم به.
فقال عمرو: إن الله يقتله كما قتل صاحبكم ثم عرض عليهم الإسلام فما أحد منهم أسلم.
فقال عمرو للمسلمين: كأنكم بصاحبهم وقد أتى يأخذ ثأرهم وهؤلاء تركهم علينا بلاء ثم أمر بضرب أعناقهم وصاح بالمسلمين استعدوا فإني أظن أن القوم سائرون فإن أتوا إلينا فهم في شدة وقوة وسنلقي منهم تعبًا في القتال وإن سرنا إليهم نرجو من الله النصر والظفر بهم كما ظفرنا بغيرهم وما عودنا الله إلا خيرًا.
قال أبو الدرداء: وبتنا مكاننا.