اتفاق أهل أركة مع خالد على الصلح
قال: فانصرفوا من عنده وبات البطريق يحدث نفسه ويدبر أمره وكان عارفًا عاقلًا خبيرًا بالأمور وقال: إن أنا خالفتهم خفت أن يسلموني للعرب وقد تحقق أن روبيس سار بجيش عظيم فهزمهم العرب ولم يزل يراود نفسه إلى أن أصبح الصباح فدعا قومه.
وقال: على ماذا عولتم قالوا: عولنا على أننا نقيم الصلح بيننا وبين العرب.
فقال البطريق: أنا واحد منكم مهما فعلتم لا أخالفكم.
قال: فخرج مشايخ أركة إلى خالد وكلموه في الصلح فأجابهم إلى الصلح وألان الكلام لهم وتلقاهم بالرحب والسعة ليسمع بذلك أهل السخنة ويبلغ الخبر لأهل قدمة وكان الوالي عليهم بطريق اسمه كوكب فجمع رعيته وقال لهم: بلغني عن هؤلاء العرب أنهم فتحوا أركة والسخنة وأن قومنا يتحدثون بعدلهم وحسن سيرتهم وأنهم لا يطلبون الفساد وهذا حصن مانع لا سبيل لأحد علينا ولكن نخاف على نخلنا وزرعنا وما يضرنا أن نصالح العرب فإن كان قومنا هم الغالبين فسخنا صلحهم وإن كان العرب ظافرين كنا آمنين.
قال: ففرح قومه بذلك وهيئوا العلوفة والضيافة حتى خرج خالد.
رضي الله عنه من أركة ونزل عليهم فخرجوا إليه بالخدمة وصالحهم على ثلثمائة أوقية من الذهب وكتب لهم كتابًا بالصلح ثم ارتحل عنها إلى حوران وبلغ عامر بن الطفيل كتاب خالد إلى أبي عبيدة فلما قرأه تبسم وقال: السمع والطاعة لله تعالى ولخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعلم المسلمين بعزله وولاية خالد بن الوليد