معركة بصرى ووصول خالد بن الوليد
قال عبد الله بن عدي: واجتمع علينا العدو وطمعوا فينا وحملوا علينا في اثني عشر ألف فارس من الروم ونحن فيهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وصبرنا لهم صبر الكرام ولم يزل القتال بيننا وبينهم إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وقد طمع العدو فينا فرأيت شرحبيل بن حسنة قد رفع يده إلى السماء وهو يقول: يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام اللهم انصرنا على القوم الكافرين.
قال: فوالله ما استتم شرحبيل كلامه ودعاءه حتى جاء النصر من عند الله العزيز الحكيم وذلك أن القوم داروا بنا فرأينا غبرة قد أشرفت علينا من صوب حوران.
فلما قربت لنا رأينا تحتها سوابق الخيل فلاحت لنا الأعلام الإسلامية والرايات المحمدية وقد سبق إلينا فارسان: أحدهما ينادي ويزعق: يا شرحبيل يا ابن حسنة أبشر بالنصر لدين الله أنا الفارس الصنديد والبطل المجيد أنا خالد بن الوليد والآخر يزعق ويقول: أنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وأشرفت العساكر من كل جانب.
قال: وأشرفت راية العقاب يحملها رافع بن عميرة الطائي.
قال: حدثنا سالم بن عدي عن ورقاء بن حسان العامري عن مسيرة بن مسروق العبسي.
قال: والله لقد خمدت أصوات الروم عند زعقة خالد رضي الله عنه وأقبل المسلمون يسلم بعضهم على بعض وأقبل شرحبيل بن حسنة إلى خالد بن الوليد وسلم عليه.
فقال خالد: يا شرحبيل أما علمت أن هذه مينا الشام والعراق وفيها عساكر الروم وبطارقتهم.
فكيف غررت بنفسك وبمن معك من المسلمين.
قال: كله بأمر أبي عبيدة.
فقال خالد: أما أبو عبيدة فإنه رجل خالص النية وليس عنده غائلة الحرب ولا يعلم بمواقعها ثم أمر الناس بالراحة فنزلوا وارتاحوا من أوزارهم.