منتديات انوار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك يا زائر في منتديات انوار الاسلام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 غزوة الأحزاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
امير الاسلام
المدير العام
المدير العام
امير الاسلام


ذكر عدد الرسائل : 2761
العمر : 29
العمل/الترفيه : طالب اعدادي
تاريخ التسجيل : 27/06/2008

غزوة الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: غزوة الأحزاب   غزوة الأحزاب I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 09, 2008 3:28 pm

غزوة الأحزاب



{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا(9)إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا(10)هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا(11)وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا(12)وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا(13)وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا(14)وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا(15)قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا(16)قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا(17)قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا(18)أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا(19)يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا(20)لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21)وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا(22) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا(23)لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(24)وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا(25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرَضهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً(27)}.



سبب النزول:

نزول الآية (9):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ }: أخرج البيهقي في الدلائل عن حذيفة قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب، ونحن صافون قعوداً، وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة أسفل منا، نخاف على ذرارينا، وما أتت قط علينا ليلة أشد ظلمة، ولا أشد ريحاً منها، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم إن بيوتنا عورة، وما هي بعورة، فما يستأذن أحد منهم إلا أّذن له، فيتسللون، إذ استقبلنا النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً رجلاً حتى أتى علي، فقال: ائتني بخبر القوم، فجئت، فإذا الريح في عسكرهم، ما تجاوز عسكرهم شبراً، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفُرُشهم، الريح تضربهم، وهم يقولون: الرحيل الرحيل، فجئت، فأخبرته خبر القوم، وأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} الآية.



نزول الآية (12):

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ }: أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عمرو المزني قال: خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب، فأخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مدورة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول، فضربها ضربة، صدعها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتي المدينة، فكبَّر، وكبَّر المسلمون، ثم ضربها الثانية، فصدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، فكبَّر وكبر المسلمون، ثم ضربها الثالثة، فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، فكبَّر، وكبَّر المسلمون، فسئل عن ذلك، فقال: ضربت الأولى، فأضاءت لي قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم، ثم ضربت الثانية، فأضاءت لي قصور الحمر من أرض الروم، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت الثالثة، فأضاءت لي قصور صنعاء، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فقال المنافقون: ألا تعجبون؟ ويحدّثكم، يُمنِّيكم ويَعدُكم الباطل، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفَرَق، لا تستطيعون أن تَبْرُزوا، فنزل القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا}.



نزول الآية (23):

{مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ }: أخرج مسلم والترمذي وغيرهما عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن بدر، فكبُر عليه، فقال: أول مشهد قد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غِبتُ عنه، لئن أراني الله مشهداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليريَنَّ الله ما أصنعُ، فشهد يوم أحد، فقاتل حتى قُتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية، ونزلت هذه الآية: {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} الآية.



ثم شرع تعالى في ذكر "غزوة الأحزاب" وما فيها من نِعَمٍ فائضة، و ءايات باهرة للمؤمنين فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أي اذكروا فضله وإِنعامه عليكم {إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ} أي وقت مجيء جنود الأحزاب وتألبهم عليكم، قال أبو السعود: والمراد بالجنود الأحزاب وهم قريش، وغطفان، ويهود قريظة وبني النضير، وكانوا زهاء اثني عشر ألفاً، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإِقبالهم ضرب الخندق على المدينة بإِشارة "سلمان الفارسي" ثم خرج في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب معسكره والخندقُ بينه وبين المشركين، واشتد الخوف وظنَّ المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق في المنافقين حتى قال "معتب بن قشير" يعدنا محمد كنوز كسرى وقيصر ولا نقدر أن نذهب إلى الغائط {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} أي فأرسلنا على الأحزاب ريحاً شديدة وجنوداً من الملائكة لم تروهم وكانوا قرابة ألف، قال المفسرون: بعث الله عليهم ريحاً عاصفاً وهي ريح الصبا في ليلة شديدة البرد والظلمة، فقلعت بيوتهم، وكفأت قدورهم، وصارت تلقي الرجل على الأرض، وأرسل الله الملائكة فزلزلتهم -ولم تقاتل- بل ألقت في قلوبهم الرعب {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} أي وهو تعالى مطلع على ما تعملون من حفر الخندق، والثبات على معاونة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} أي حين جاءتكم الأحزاب من فوق الوادي يعني أدناه قبل المغرب، ومنه جاءت أسد وغطفان {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } أي ومن أسفل الوادي يعني أدناه قبل الغرب، ومنه جاءت قريش وكنانة وأوباش العرب، والغرضُ أن المشركين جاءوهم من جهة المشرق والمغرب، وأحاطوا بالمسلمين إحاطة السوار بالمعصم، وأعانهم يهود بني قريظة فنقضوا العهد مع الرسول وانضموا إلى المشركين، فاشتد الخوف، وعظُم البلاء ولهذا قال تعالى {وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ} أي وحين مالت الأبصار عن سننها ومستوى نظرها حيرةً وشخوصاً لشدة الهول والرعب {وَبَلَغتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} أي زالت عن أماكنها من الصدور حتى كادت تبلغ الحناجر، وهذا تمثيلٌ لشدة الرعب والفزع الذي دهاهم، حتى كأن أحدهم قد وصل قلبه إلى حنجرته من شدة ما يلاقي من الهول {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} أي وكنتم في تلك الحالة الشديدة تظنون الظنون المختلفة، قال الحسن البصري: ظن المنافقون أن المسلمين يُستأصلون، وظنَّ المؤمنون أنهم يُنصرون، فالمؤمنون ظنوا خيراً، والمنافقون ظنوا شراً، وقال ابن عطية: كاد المؤمنون يضطربون ويقولون: ما هذا الخُلف للوعد؟ وهذه عبارة عن خواطر خطرت للمؤمنين لا يمكن للبشر دفعها، وأما المنافقون فتعجلوا ونطقوا وقالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} أي في ذلك الزمان والمكان امتحن المؤمنون واختبروا، ليتميز المخلص الصادق من المنافق، قال القرطبي: وكان هذا الابتلاءُ بالخوف والقتال، والجوع والحصر والنزال {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا} أي وحرّكوا تحريكاً عنيفاً من شدة ما دهاهم، حتى لكأن الأرض تتزلزل بهم وتضطرب تحت أقدامهم، قال ابن جزي: وأصل الزلزلة شدةُ التحريك وهو هنا عبارة عن اضطراب القلوب وتزعزعها {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي واذكر حين يقول المنافقون، والذين في قلوبهم مرض النفاق، لأن الإِيمان لم يخالط قلوبهم {مَا وَعدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا} أي ما وعدنا الله ورسوله إلا باطلاً وخداعاً، قال الصاوي: والقائل هو "معتب بن قشير" الذي قال: يعدنا محمدٌ بفتح فارس والروم، وأحدُنا لا يقدر أن يتبرز فرقاً، ما هذا إلا وعد غرور، يغرنا به محمد {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} أي واذكر حين قالت جماعة من المنافقين وهم: أوس بن قيظي وأتباعه، وأُبيُّ بن سلول وأشياعه {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ} أي يا أهل المدينة لا قرار لكم ههنا ولا إقامة {فَارْجِعُوا} أي فارجعوا إلى منازلكم واتركوا محمداً وأصحابه {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ} ويستأذن جماعة من المنافقين النبي صلى الله عليه وسلم في الانصراف متعللين بعلل واهية {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} أي غير حصينة فنخاف عليها العدوَّ والسُّراق {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} تكذيب من الله تعالى لهم أي ليس الأمر كما يزعمون {إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا} أي ما يريدون بما طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الهرب من القتال، والفرار من الجهاد، والتعبيرُ بالمضارع {وَيَسْتَأْذِنُ} لاستحضار الصورة في النفس، فكأن السامع يبصرهم الآن وهم يستأذنون، ثم فضحهم تعالى وبيَّن كذبهم ونفاقهم فقال {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} أي ولو دخل الأعداء على هؤلاء المنافقين من جميع نواحي المدينة وجوانبها {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا} أي ثم طلب إليهم أن يكفروا وأن يقاتلوا المسلمين لأعطوها من أنفسهم {وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا} أي لفعلوا ذلك مسرعين، ولم يتأخروا عنه لشدة فسادهم، وذهاب الحق من نفوسهم، فهم لا يحافظون على الإِيمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع، وهذا ذمٌ لهم في غاية الذم {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ} أي ولقد كان هؤلاء المنافقون أعطوا ربهم العهود والمواثيق من قبل غزوة الخندق وبعد بدر ألا يفروا من القتال {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا} أي وكان هذا العهد منهم جديراً بالوفاء لأنهم سيسألون عنه، وفيه تهديدٌ ووعيد، قال قتادة: لما غاب المنافقون عن بدر، ورأوا ما أعطى الله أهل بدرٍ من الكرامة والنصر، قالوا لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ} أي قل يا أيها النبي لهؤلاء المنافقين، الذين يفرون من القتال طمعاً في البقاء وحرصاً على الحياة، إن فراركم لن يطوّل أعماركم ولن يؤخر آجالكم، ولن يدفع الموت عنكم أبداً {وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا} أي ولئن هربتم وفررتم فإِذاً لا تمتعون بعده إلا زمناً يسيراً، لأن الموت مآل كل حي، ومن لم يمت بالسيفِ مات بغيره {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ} أي من يستطيع أن يمنعكم منه تعالى {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} أي إن قدَّر هلاككم ودماركم، أو قدَّر بقاءكم ونصركم؟ {وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} أي وليس لهم من دون الله مجير ولا مغيث، فلا قريب ينفعهم ولا ناصر ينصرهم {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} أي لقد علم الله تعالى ما كان من أمر أولئك المنافقين، المثبطين للعزائم، الذين يعوّقون الناس عن الجهاد، ويصدونهم عن القتال {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} أي والذين يقولون لإِخوانهم في الكفر والنفاق: تعالوا إلينا واتركوا محمداً وصحبه يهلكوا ولا تقاتلوا معهم، قال تعالى {وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا} أي ولا يحضرون القتال إلا قليلاً منهم رياءً وسمعة، قال الصاوي: لأن شأن من يثبّط غيره عن الحرب ألاّ يفعله إلا قليلاً لغرضٍ خبيث، وقال في البحر: المعنى: لا يأتون القتال إلا إتياناً قليلاً، يخرجون مع المؤمنين يوهمونهم أنهم معهم، ولا تراهم يقاتلون إلا شيئاً قليلاً إذا اضطروا إليه، فقتالهُم رياء ليس بحقيقة {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} أي بخلاء عليكم بالمودة والشفقة والنصح لأنهم لا يريدون لكم الخير {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} أي فإِذا حضر القتال رأيت أولئك المنافقين في شدة رعب لا مثيل لها، حتى إنهم لتدور أعينهم في أحداقهم كحال المغشي عليه من معالجة سكرات الموت حَذراً وخَوراً، قال القرطبي: وصفهم بالجبن، وكذا سبيل الجبان ينظر يميناً وشمالاً محدّداً بصره، وربما غُشي عليه من شدة الخوف {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} أي فإِذا ذهب الخوف عنهم وانجلت المعركة آذوكم بالكلام بألسنة سليطة، وبالغوا فيكم طعناً وذماً، قال قتادة: إذا كان وقت قسمة الغنيمة بسطوا ألسنتهم فيكم، يقولون: أعطونا أعطونا فإِنا قد شهدنا معكم، ولستم أحقَّ بها منا، فأما عند البأس فأجبن قومٍ وأخذلهم للحق، وأمّا عند الغنيمة فأشح قوم وأبسطهم لساناً {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} أي خاطبوكم بما خاطبوكم به حال كونهم أشحة أي بخلاء على المال والغنيمة { أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا} أي أولئك الموصوفون بما ذكر من صفات السوء، لم يؤمنوا حقيقةً بقلوبهم وإِن أسلموا ظاهراً {فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ} أي أبطلها بسبب كفرهم ونفاقهم، لأن الإِيمان شرط في قبول الأعمال {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} أي وكان ذلك الإِحباط سهلاً هيناً على الله، ثم أخبر تعالى عنهم بما يدل على جبنهم فقال {يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا} أي يحسب المنافقون من شدة خوفهم وجبنهم أن الأحزاب -وهم كفار قريش ومن تحزب معهم- بعد انهزامهم لم ينصرفوا عن المدينة وهم قد انصرفوا {وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ } أي وإِن يرجع إليهم الكفار كرة ثانية للقتال يتمنوا لشدة جزعهم أن يكونوا في البادية مع الأعراب -لا في المدينة معكم- حذراً من القتل وتربصاً للدوائر {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} أي يسألون عن أخباركم وما وقع لكم فيقولون: أهلك المؤمنون؟ أغلب أبو سفيان؟ ليعرفوا حالكم بالاستخبار لا بالمشاهدة {وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا} أي ولو أنهم كانوا بينكم وقت القتال واحتدام المعركة ما قاتلوا معكم إلا قتالاً قليلاً لجبنهم وذلتهم وحرصهم على الحياة.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://anwarislam.mam9.com
امير الاسلام
المدير العام
المدير العام
امير الاسلام


ذكر عدد الرسائل : 2761
العمر : 29
العمل/الترفيه : طالب اعدادي
تاريخ التسجيل : 27/06/2008

غزوة الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: تتمة   غزوة الأحزاب I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 09, 2008 3:29 pm

{لَقدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي لقد كان لكم أيها المؤمنون في هذا الرسول العظيم قدوةٌ حسنة، تقتدون به صلى الله عليه وسلم في إخلاصه، وجهاده، وصبره، فهو المثل الأعلى الذي يجب أن يُقتدى به، في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، لأنه لا ينطق ولا يفعل عن هوى، بل عن وحيٍ وتنزيل، فلذلك وجب عليكم تتبع نهجه، وسلوك طريقه {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} أي لمن كان مؤمناً مخلصاً يرجو ثواب الله، ويخاف عقابه {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} أي وأكثر من ذكر ربه، بلسانه وقلبه، قال ابن كثير: أمر تبارك وتعالى الناسَ بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في صبره ومصابرته، ومجاهدته ومرابطته، ولهذا قال للذين تضجروا وتزلزلوا، واضطربوا يوم الأحزاب {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} والمعنى: هلاّ اقتديتم به وتأسيتم بشمائله صلى الله عليه وسلم ‍‍‍‍ ثم حكى تعالى موقف المؤمنين الصادقين في غزوة الأحزاب أثناء رؤيتهم جنود قريش ومن تحزب معهم، وما صدر عن المؤمنين من إخلاصٍ ويقين، تُظهر بوضوح روح الإِيمان والتضحية فقال {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} أي ولَّما رأى المؤمنون الكفار قادمين نحوهم، وقد أحاطوا بهم من كل جانب إحاطة السوار بالمعصم، قالوا: هذا ما وعدنا به الله ورسولُه، من المحنة والابتلاء، ثم النصر على الأعداء {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} أي صدق الله في وعده، ورسولُه فيما بشرنا به، قال المفسرون: لما كان المسلمون يحفرون الخندق اعترضتهم صخرة عظيمة عجزوا عن تكسيرها، فأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بها فجاء وأخذ المعول وضربها ثلاث ضربات أضاءت له منها مدائن كسرى، وقصور الروم، فقال: أبشروا بالنصر، فلما أقبلت جموع المشركين ورأوهم قالوا {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} {وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} أي وما زادهم ما رأوه من كثرة جند الأحزاب، ومن شدة الضيق والحصار، إلا إيماناً قوياً عميقاً بالله، واستسلاماً وانقياداً لأوامره {مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} أي ولقد كان من أولئك المؤمنين رجالٌ صادقون، نذروا أنهم إذا أدركوا حرباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} أي فمنهم من وفىّ بنذره وعهده حتى استشهد في سبيل الله كأنس بن النضر وحمزة {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} أي ومنهم من ينتظر الشهادة في سبيل الله { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} أي وما غيَّروا عهدهم الذي عاهدوا عليه ربهم أبداً {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} أي ليجزي الله الصادقين بسبب صدقهم وحسن صنيعهم أحسن الجزاء في الآخرة {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي ويعذّب المنافقين الناقضين للعهود بأن يميتهم على النفاق فيعذبهم، أو يتوب عليهم فيرحمهم {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} أي واسع المغفرة رحيماً بالعباد، قال ابن كثير: ولما كانت رحمته ورأفته تبارك وتعالى هي الغالبة لغضبه ختم بها الآية الكريمة {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} أي وردَّ الله الأحزاب الذين تألبوا على غزو المدينة خائبين خاسرين، مغيظين محنقين، لم يشف صدورهم بنيل ما أرادوا {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} أي حال كونهم لم ينالوا أيَّ خير لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل قد اكتسبوا الآثام في مبارزة الرسول عليه السلام وهمّهم بقتله {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} أي كفاهم شرَّ أعدائهم بأن أرسل عليهم الريح والملائكة حتى ولّوا الأدبار منهزمين {وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} أي قادراً على الانتقام من أعدائه، عزيزاً غالباً لا يُقهر، ولهذا كان عليه السلام يقول: (لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأعزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده) {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ } أي وأنزل اليهود -وهم بنو قريظة- الذين أعانوا المشركين ونقضوا عهدهم وانقلبوا على النبي وأصحابه، أنزلهم من حصونهم وقلاعهم التي كانوا يتحصنون فيها {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ} أي ألقى الله في قلوبهم الخوف الشديد حتى فتحوا الحصون واستسلموا، قال ابن جزي: نزلت الآية في يهود "بني قريظة" وذلك أنهم كانوا معاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضوا عهده وصاروا مع قريش، فلما انهزم المشركون وانصرفت قريش عن المدينة حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة حتى نزلوا على حكم "سعد بن معاذ" فحكم بأن يُقتل رجالهم، وتُسبى نساؤهم وذريتهم فذلك قوله تعالى {فَرِيقًا تَقْتُلُونَ} يعني الرجال وقد قتل منهم يومئذٍ ما بين الثمانمائة والتسعمائة {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} يعني النساء والذرية {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} أي وأورثكم يا معشر المؤمنين أرض بني قريظة وعقارهم وخيلهم ومنازلهم وأموالهم التي تركوها {وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} أي وأرضاً أخرى لم تطؤوها بعدُ بأقدامكم، وهي خيبر لأنها أخذت بعد قريظة، وكل أرض فتحها المسلمون بعد ذلك {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} أي قادراً على كل ما أراد، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، قال أبو حيان: ختم تعالى هذه الآية ببيان قدرته على كل شيء، وكأن في ذلك إشارة إلى فتحه على المسلمين الفتوح الكثيرة، فكما ملَّكهم هذه الأراضي فكذلك هو قادر على أن يملّكهم غيرها من البلاد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://anwarislam.mam9.com
 
غزوة الأحزاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات انوار الاسلام :: الاقسام الاسلامية :: تفسير القران الكريم :: باب تفسير سورة الاحزاب-
انتقل الى: