{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ(68)وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ(69)وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ(70)}
ثم ذكر تعالى أهوال الآخرة فقال {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} هو قرنٌ ينفخ فيه إِسرافيل عليه السلام بأمر الله، والمراد بالنفخة هنا "نفخة الصَّعق" التي تكون بعد نفخة الفزع، قال ابن كثير: وهي النفخة الثانية التي يموت بها الأحياء من أهل السماواتِ والأرض {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} أي فخَّر ميتاً كل من في السماوات والأرض {إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} أي إلاَّ من شاء الله بقاءه كحملة العرش، والحور العين والولدان {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} أي نُفخ فيه نفخةٌ أخرى وهي نفخةُ الإِحياء {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} أي فإِذا جميع الخلائق الأموات يقومون من القبور ينظرون ماذا يؤُمرون {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} أي وأضاءت أرض المحشر بنور الله يوم القيامة، حين تجلى الباري جل وعلا لفصل القضاء بين العباد {وَوُضِعَ الْكِتابُ} أي أحضرت صحائف أعمال الخلائق للحساب {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} أي وجيء بالأنبياء ليسألهم رب العزة عما أجابتهم به أممهم وبالشهداء وهم الحفظة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم، وقال السدي: هم الذين استشهدوا في سبيل الله {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي وقُضي بين العباد جميعاً بالقسط والعدل {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} أي وهم في الآخرة لا يظلمون شيئاً من أعمالهم، لا بنقص ثواب، ولا بزيادة عقاب، قال ابن جبير: لا يُنقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} أي جوزي كل إنسانٍ بما عمل من خيرٍ أو شر {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} أي هو تعالى أعلم بما عمل كل إنسان، ولا حاجة به إلى كتاب ولا إلى شاهد، ومع ذلك تشهد الكتب إلزاماً للحجة.