كلامٌ يجرّ ذيول كلام
برأسي، وبركانُ شكّ
ينامْ
وأشجارُ صيفٍ
تشيحُ بأوراقها الشّاحبات
وتلوي غصون اعتلال الملامْ
***
وجوهٌ تطلُّ
وجوهٌ تغيب بجيب الظّلام
ووجهٌ بعيدٌ بعيدٌ بعيدْ
مداهُ يزيحُ غيوم الظلام
ويبقى بعيداً بعيداً بعيدْ
فتأتي صحاري سموم تظنّ
وأسياف وقتٍ سقيمٍ يئنّ
ومصباحُ صبرٍ عريقٍ تصيحْ
به جذوةٌ من شعاعٍ جريح
يضيق عليّ قميص اغترابي
وأزرارُ صمتي
وجلدُ اكتئابي
وحولي تدانت زوايا وأضلاعُ
جدران نفسي
وشيئاً فشيئاً
تضيقُ مساحاتُ صدرِ المدى بي،
يقلّ هواءُ التأسّي ..
ولا شيء، لا شيء
لا وجه، لا صوتَ
لا هاتفاً في اصطخاب السّكون
يرنّ فتخبو طيوف الظنون
وحيداً بوكر ظلام الألم
يلوذ هزارُ الأسى والقلق
يُحدّقُ في داليات الهموم
يُهدهد نبضاً كجمر الحميم
يدقّ بأعراق جسم الرهق
فتهمي نجومُ الدموع عليه،
وتصحو حقول الشجون لديه،
فتذوي ثمارُ انتظار طويل
وفوق بقايا رياش الغناءْ
تهبّ أعاصير فصل الشقاء
ضجيجٌ يشدّ لجام الكلام
وعصفٌ يزخّ لهيب القتام
صراخٌ .. صراخٌ ..
دويٌّ .. حطامْ
***
وفي البعد برجٌ بروض الصقيع
ونبضٌ تجمّد بين الضّلوع
وأزهارُ حلمٍ تلاشى شذاها
فصارت ترابا
وأقمارٌ سُهْدٍ .. تناءتْ رؤاها
فصارت سرابا
ولا شيءَ، لا شيءَ
لا عصفَ، لا قصفَ
لا غيمَ، لا عتمَ
لا جمر يُذكي هشيم الربيع
ولكنْ، شبابيكُ شمعٍ تلوح
تحطّ عليها طيورُ البردْ،
ووجهٌ تحنّط في ناظريه
ضبابُ الأبدْ.