كذب العشاق حين تغنوا بالحبيب .. يا روحي
وسمجت أحاديث السمار حين تسمرت عيونهم بطيف أعجبهم وتشدقوا بـ.. يا روحي
وكذبت الصيحات .. وأن صدقت حين تصيح .. يا روح روحي
فلا تصبح الروح روحاً
إلا حين تحيا بإذن مولاها في كنف روح أخرى
تحميها .. تطعمها .. تسقيها
ترقبها ... طيلة أشهر تسع
يعتصرها ألم الوحم .. ويتحول لذيذ الطعام في جوفها إلى علقم شديد المرارة
وتشم أزكى الروائح رائحة كريهة .. لا تطاق
تقاسي حياة كلها ألـم .. دوخة .. غثيان .. مزاج متعكر
تكره من كانت تحب .. وتحب أشياء لا تخطر على عقل
وسبـحان الله .. مع ذلك كلـه
تحب تلك الروح الجديدة .. التي منذ أن نفخ الله فيها وهي تتسبب في ذلك كله
ترقبهـا بنظرات حانية وأن قست عليها ... وتقابلها ببسمة راضية حين تركلها
وتخاف عليها من نسمات غريبة قد تلفحها
وتداعب أناملها جدار ذاك القرار المكين ... الذي أحاط بتلك الروح
فتسعد بنبضاتها .. وتعيش أحلامها مع كل حركة ورفسة
سواء كانت من الرجل أو من اليد
و ينتابها هلع شديد .. وقلقٌ يذهب النوم عن عينيها
حين يمر يوم لا تلقى لها حساً ولا هزا ..
فهاهي الأيام تطوى .. والساعات تتوالى
والروح تحمل تلك الروح وتمضي أيام ثقيلة .. وتعيش حياتها فيها وهناً على وهن
وتطوي على نفسها آلامها .. ويهتز كل جسدها لكتمان صرخاتها
ثم تبدأ الآلام ... وتزداد الأوجاع
وتتوالى صرخات صامتة... فصرخات مدويـة
وتدق ساعة اللقاء ... ويؤذن بالقــدوم
وتنزع تلك الروح الصغيرة ... من تلك الروح الأم
فتكون روحٌ .. قد سكنت - بالفعل - تلك الروح
فهل يلام بعدها من أحب تلك الروح ؟؟!!
ابو سليمان