ركزت جل الصحف البريطانية اليوم الثلاثاء على الاضطرابات الهائلة التي تعم أسواق المال بالولايات المتحدة، ورجع الصدى في أنحاء العالم وأثرذلك في زيادة مشاكل العالم، وفقدان الثقة في تلك المؤسسات بسبب سوء الإدارة والمقامرة بأموال المستثمرين.
اضطراب هائل
تناولت غارديان في افتتاحيتها اليوم هذا الاضطراب الهائل الذي يموج بالأسواق المالية العالمية، بعد إعلان بنك ليمان براذرز إفلاسه وباع ميريل لينش نفسه بثمن بخس على عجالة لتفادي نفس مصير ليمان براذرز.
"
أزمة الرهن العقاري كانت نقمة على الجشعين الذين اعتقدوا أنهم يستطيعون جني أموال سهلة من الفقراء, لكن المشتغلين بأسواق المال يجمعون الآن على أن هذه الأزمة كانت الشرارة لانفجار سوق مالي كان محتوما عاجلا أو آجلا
"
غارديان
وقالت الصحيفة إن أزمة الرهن العقاري كانت نقمة على الجشعين الذين اعتقدوا أنهم يستطيعون جني أموال سهلة من الفقراء. لكن المشتغلين بأسواق المال يجمعون الآن على أن هذه الأزمة كانت الشرارة لانفجار سوق مالي كان محتوما، عاجلا أو آجلا.
وأشارت إلى وجود إجماع متزايد بأن المملكة المتحدة ودولا أخرى إما أنها على شفا أو غارقة، في كساد. وهذا معناه زيادة البطالة والمزيد من الإفلاسات والعنت لمئات الآلاف من البشر.
وأضافت غارديان أن طحنة الدين الحالية -إحجام المؤسسات المالية غالبا عن الإقراض وخاصة لبعضها البعض- قد روعت حتى بعض مؤسسات النقد مما جعلها تدعو إلى تغيير اتجاه البوصلة من جانب بنك إنجلترا.
وللخروج من مثل هذه الأزمات، ترى الصحيفة ضرورة بذل مجهود أكثر جدية في مجال اللوائح المالية، محليا ودوليا. وعلى بنك إنجلترا أن يخفض معدلات التضخم بدون تباطؤ لاستعادة الثقة فيه.
وعلقت إندبندت في افتتاحيتها كذلك بأن أزمة الدين العالمية قد دخلت بعدا جديدا بعد انهيار بنك ليمان والمؤسسات المالية الأخرى مثل ميريل لينش وبير ستيرنز وإيه آي جي أكبر شركات التأمين العالمية.
وتساءلت الصحيفة: هل هذا هو أسوأ ما سيحدث؟ وماذا يمكن عمله خلال فترة قصيرة لتخفيف الآثار الناجمة؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمنع أي تكرار لما حدث؟
وأشارت إلى أن الرسالة المستفادة من إخفاق ليمان براذرز هي أن مبدأ المخاطرة الأخلاقية قد عاد، أو أن هناك حدودا للتدخل حتى بالنسبة لمحفظة وزارة الخزانة الأميركية. ولا يوجد الآن مبرر لأي بنك لتأجيل إفشاء ديونه على أمل كفالته مؤقتا. وأضافت أنه ليس هناك ضمان على انتهاء هذا الألم عند هذا الحد، فانعدام الثقة والمصداقية، تماما كأي افتقار للمال، هو ما تجعل هذه الأزمة تستمر.
وعلقت إندبندت بأن الشفافية وتوجيهات بسيطة للمحاسبة في الصناعة المصرفية يجب أن تكون على رأس الأولويات، ويجب مقاومة إغراء خوض الحرب الأخيرة بالإسهاب في التفاصيل.
ما بعد الكارثة
وتحت عنوان "ما بعد كارثة ليمان براذرز" كتبت تايمز في افتتاحيتها أن المدير التنفيذي العدواني ومجلس الإدارة العاجز كانا سبب إفلاس البنك، لكن الأزمة تكشف عن نقاط ضعف أوسع في النظام المالي.
"
التأثير الفوري لإفلاس ليمان براذرز أدى إلى انهيارات حادة في أسواق الأسهم المالية العالمية وخاصة أسهم البنوك، وهروب الأصول الأكثر أمنا مثل الذهب. أما التأثير الأبعد مدى فهو مجهول لكنه منذر بسوء
"
تايمز
وقالت الصحيفة إن ما حدث في ليمان كان يمكن تجنبه لو كان مجلس إدارة البنك أكثر تعقلا ومراقبا عن كثب لمديره التنفيذي، وطرده إذا دعت الضرورة.
وأشارت إلى أن التأثير الفوري لإفلاس ليمان أدى إلى انهيارات حادة في أسواق الأسهم المالية العالمية وخاصة أسهم البنوك، وهروب الأصول الأكثر أمنا مثل الذهب. وأضافت أن التأثير الأبعد مدى مجهول لكنه منذر بسوء.
وعلقت تايمز بأن النظام المالي الغربي بدأ يدخل دربا مجهولا، وأن الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي كان من الممكن تجنبه من خلال سياسة مالية أيسر.
وضربت مثالا بانهيار سوق الأسهم المالية عام 1987 قائلة إنه لم يؤد إلى كساد تحديدا لأن البنوك المركزية تذكرت تلك الحادثة السابقة وخفضت معدلات الفائدة بدرجة كبيرة. لكن أزمة الائتمان عام 2007-2008 تمثل مشكلة أكثر عنادا.
وقالت الصحيفة إن الاضطرابات بأسواق المال العالمية قد تبدو بعيدة عن عالم التجارة اليومية. لكن التأثير قد يكون شديدا لأن البنوك تخدم هدفا أساسيا في أنها تشكل وسيطا يمكن بواسطته تخصيص رأس المال القليل للاستخدامات الإنتاجية، وبذلك تجعل المجتمع أغنى. لكن بنوك اليوم خسرت ثقة الشعب بمقامرتها برؤوس أمول المستثمرين. وكان ليمان أول بنك يسقط وقد لا يكون الأخير.