م
{فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(220)}
{فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} أي لتتفكروا في أمر الدنيا والآخرة فتعلموا أن الأولى فانية والآخرة باقية فتعملوا لما هو أصلح، والعاقل من آثَر ما يبقى على ما يفنى. {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} أي ويسألونك يا محمد عن مخالطة اليتامى في أموالهم أيخالطونهم أم يعتزلونهم؟ فقل لهم: مداخلتهم على وجه الإصلاح خير من اعتزالهم {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} أي إذا خلطتم أموالهم بأموالكم على وجه المصلحة لهم فهم إِخوانكم في الدين، وأخوة الدين أقوى من أخوّة النسب، ومن حقوق هذه الأخوّة المخالطة بالإِصلاح والنفع {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ} أي والله تعالى أعلم وأدرى بمن يقصد بمخالطتهم الخيانة والإِفساد لأموالهم، ويعلم كذلك من يقصد لهم الإِصلاح فيجازي كلاً بعمله {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} أي لو شاء تعالى لأوقعكم في الحرج والمشقة وشدَّد عليكم ولكنه يسّر عليكم الدين وسهّله رحمة بكم {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أي هو تعالى الغالب الذي لا يمتنع عليه شيء الحكيم فيما يشرّع لعباده من الأحكام.
سبب النزول:
في رواية: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مِرْثَد بن أبي مِرْثَد الغنوي إلى مكة، ليخرج منها ناساً من المسلمين، وكان يهوى امرأة في الجاهلية اسمها: عَنَاق، فأتته، وقالت: ألا تخلو؟ فقال: ويحك، إن الإسلام قد حال بيننا، فقالت: فهل لك أن تتزوج بي؟ قال: نعم، ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأستأمرُه، فاستأمَرَه، فنزلت".